أخيرا وبعد طول معاناة، اقتنص اتحاد منتجى الكاسيت قرارا من وزير الثقافة بتفعيل القانون الخاص بحقوق الملكية الفكرية وهو القرار الذى شمل إغلاق جميع المواقع غير الشرعية التى تبث مواد سمعية لها حقوق ملكية.. ولأن صناعة الكاسيت ليست وحدها هى من تعانى نزيفا حادا يهدد بمفارقتها للحياة وتوقف قلبها عن النبض، وكما أن القرصنة والسرقة تغرس أنيابها منذ فترة ليست بالقصيرة فى عالم الموسيقى تفعل ذلك فى السينما والدراما التليفزيونية أيضا.
وأخيرا أيضا خلع المنتجون عباءة الضحية التى تتلقى الضربات وتكتفى بالصراخ والعويل على الخسارة الفادحة وقرروا إشهار سيوف وأسلحة غابت طويلا عن مخيلتهم، ربما نتيجة لتوالى الصدمات وتوزع المسئولية عبر جهات عديدة واختفاء السارقين بين ثنايا الأثير وأسلاك الإنترنت المتشابكة عبر العالم بأسره..
وجاءت ضربة البداية للمنتج محسن جابر رئيس جمعية منتجى الكاسيت وفريق عمل كبير من أعضاء الجمعية الذين قاموا بجولة مكوكية بين 7 وزارات وهيئات خرجوا بعدها بقرار الوزير الذى جعلهم لاول مرة يتنفسون الصعداء، رغم أن القرار حتى الآن لم يستغل ولم يغلق أى موقع أو تحاسب أى جهة، ولكن وجوده فى حد ذاته يعد خطوة كبيرة.
وكما ذكرنا هناك صناعتان تنزفان بشدة وفى أمس الحاجة لترياق من النوع الذى تجرعته صناعة الموسيقى مؤخرا، وهو ما سألنا عنه رئيس الرقابة على المصنفات الفنية الدكتور سيد خطاب وهى الجهة التى ستلعب دور الوسيط بين المنتج والأجهزة التنفيذية، فهى ستتلقى الشكاوى وتثبت الملكية ثم تأمر باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف السرقة وإعادة الحق لأصحابه.
وعقب الدكتور سيد خطاب رئيس الرقابة على الأمر قائلا: القرار حتى الآن شمل المصنفات السمعية فقط، ودور الرقابة فى الأمر لن يكون رقابيا قدر كونه قانونيا سنقوم فيه بإثبات الحق لأصحابه.
وفصل خطاب الوسائل العديدة للاحتيال والقرصنة التى تمارس على صناعة الموسيقى وقال: ليس الإنترنت فقط هو المسئول عن نزيف الخسائر رغم كونه أحد أكبر المسببات، ولكن هناك مثلا الفنادق والملاهى وخطوط الطيران التى تبث موسيقى وأغانى على روادها دون تسديد حقوق الملكية الفكرية وحق الأداء العلنى لأصحابها، كما يوجد مشغلو الـdj الذين يستغلون الأغانى فى عملهم، وهناك أيضا الكثير من الأماكن والأساليب التى سنعمل للقضاء على مظاهر التعدى على الحقوق فيها.
ونفى خطاب اقتصار العمل على مجال الموسيقى فقط وقال: القرار الذى صدر تفعيل للجزئية الخاصة بقانون الملكية الفكرية وهو قانون خاص بجميع أنواع الملكية الفكرية، ولكن القرار نفسه حتى الآن شامل بتفعيل الجزء الخاص بالمواد السمعية فقط، ولكن فى خلال الفترة القادمة سنفعّله على باقى المواد.. والذى أخر الأمر هو إعداد الدراسات اللازمة التى يتولى العمل عليها الآن بجد وإتقان الدكتور عماد أبوغازى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة.. وتجرى الآن مباحثات مع النقابات الفنية الثلاث واتحاد الكتاب واتحاد الناشرين وغرفة صناعة السينما لبحث الأمر من جميع جوانبه، كما أن هناك هيئات كثيرة يقع عليها جزء من العبء كوزارة السياحة ومباحث المصنفات وغيرها . كما أننا فى حاجة لكثير من الطاقات والإمكانات لتحقيق ذلك.
وربما يوحى حديث رئيس الرقابة بأن الأمر مستحيل ولكنه عاد وأكد قائلا: الأمر فى طى التنفيذ فعلا ولكننا نريد دراسته بشكل وافٍ.
وأوضح خطاب أن الجزء الخاص بإغلاق المواقع سيكون مسئولية وزارة الاتصالات ولكنه لا يتمنى أن يكون القرار مسببا لغلق مواقع وأماكن ولكن بإعادة الحقوق لأصحابها.. وأكد أنه حتى الآن لم يتلق أى شكوى من المنتجين بخصوص قضايا تعد على حقوقهم.
ومن جانب المنتجين سألنا إسعاد يونس التى قالت إنها لا تعلم شيئا عن تفاصيل القرار الصادر من الوزير حتى الآن ولكنها ترحب جدا بهذه الخطوة المهمة والتاريخية التى ستقوم بإنقاذ الصناعة قبل انهيارها خاصة أن هناك الآن من 1500 موقع إلى 2000 موقع تسرق الأفلام فور نزولها الأسواق.
كما كشفت إسعاد عن أن منتجى غرفة صناعة السينما قرروا فى الفترة الأخيرة تأسيس مكتب لمكافحة القرصنة لمواجهة الخسائر الضخمة التى ضربت الصناعة.. ولكن تأخر الموضوع قليلا بسبب شهر رمضان ولكنهم سيعودون للمناقشة مرة أخرى بعد انقضاء الشهر الكريم.
وهناك من كتيبة المنتجين من اختار طريقته الخاصة لمكافحة القرصنة سيرا بمبدأ «بيدى لا بيد عمرو» وهو المنتج جمال العدل، الذى قرر التعامل مع القنوات الشرعية عبر الانترنت وبيع أعماله لها بأقل الأسعار لعلها تكون ذات يوم مصدر دخل للعمل وتمنع نزيف الخسارة المستمر وهى التجربة التى قال عنها: كل سوق جديدة تبدأ بربح قليل للغاية، فعلى سبيل المثال أردت فتح سوق فى موريتانيا وكنت أبيع المسلسل مقابل 100 دولار للحلقة وهو سعر لا يكفى تسديد ثمن سفر العمل، ولكن أحاول فتح سوق جديدة تحسبا أن الرقم يكبر فيما بعد.. وفعلت ذلك فى فيلم الكبار وحقق لى ربحا جيدا جدا كتجربة أولى رغم أننى تضررت فى البداية كأى تجربة جديدة.
وكشف العدل عن أن معظم من باعوا أعمالهم الرمضانية عبر الانترنت وهو منهم باعوها مقابل 10و 12 ألف دولار للعمل كله على الأكثر، ولكنه أكد أنهم لم ينتظروا الربح ولم ينظروا له ولكن كان المهم هو فتح السوق الجديدة التى ربما تحقق أمانيهم فى الأعوام المقبلة.
كما قال جمال: لا أرى أى ضرر الآن من بيع الأعمال بأسعار رخيصة لأنها ستفتح سوقا مهمة جدا.. ولا أنتظر أى ربح الآن ولكن ربما يحقق العمل ملايين الدولارات بعد ذلك.. فبرغم أنى بعت لموقعين هذا العام، وأنا متأكد أننا «بنتسرق بنتسرق» ولكنى متأكد أن التجربة مع الوقت ستنضبط. ومن الممكن أن ننتظر 20 سنة ولا نربح شيئا ولكننا نجرب.. والثورة القادمة هى للاتصالات وسترى الأعمال على تليفونك، وسندخل فى عوالم أخرى كثيرة فضرورى نبدأ المشوار حتى نستكمله.
كما كشف العدل عن أن بيع الأعمال لمواقع الانترنت بشكل شرعى سيحميه من القراصنة بشكل كبير من خلال حماية الموقع نفسه لمادته.. فعندما يقوم الموقع بالشراء بشكل شرعى سيقوم هو نفسه بمتابعة باقى المواقع التى تعرض بشكل غير شرعى وبهذا سيحقق الحماية له وللمنتج.