أخبرنا أحمد بن سليمان قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا داود بن قيس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال لا يحب الله عز وجل العقوق وكأنه كره الاسم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما نسألك أحدنا يولد له قال من أحب أن ينسك عن ولده فلينسك عنه عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة
قال داود سألت زيد بن أسلم عن المكافأتان قال الشاتان المشبهتان تذبحان جميعا
-
قوله ( وكأنه كره الاسم )
يريد أنه ليس فيه توهين لأمر العقيقة ولا إسقاط لوجوبها وإنما استبشع الاسم وأحب أن يسميه بأحسن منه كالنسيكة والذبيحة ولذلك قال من أحب أن ينسك عن ولده بضم السين أي يذبح قال التوربشتي هذا الكلام وهو كأنه كره الاسم غير سديد أدرج في الحديث من قول بعض الرواة ولا يدرى من هو وبالجملة فقد صدر عن ظن يحتمل الخطأ والصواب والظاهر أنه هاهنا خطأ لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم ذكر العقيقة في عدة أحاديث ولو كان يكره الاسم لعدل عنه إلى غيره ومن سنته تغيير الاسم إذا كرهه والأوجه أن يقال يحتمل أن السائل ظن أن اشتراك العقيقة مع العقوق في الاشتقاق مما يوهن أمرها فأعلم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن الذي كرهه الله تعالى من هذا الباب هو العقوق لا العقيقة ويحتمل أن العقوق هاهنا مستعار للوالد بترك العقيقة أي لا يجب أن يترك الوالد حق الولد الذي هو العقيقة كما لا يجب أن يترك الولد حق الوالد الذي هو حقيقة العقوق . ولا يخفى أن المخاطب ما يهم هذا المعنى من الجواب ولذلك أعاد السؤال فقال إنما نسألك إلخ فالوجه أن يقال إنه أطلق الاسم أولا ثم كرهه إما بالتفات منه صلى الله عليه تعالى وسلم إلى ذلك أو بوحي أو إلهام منه تعالى إليه والله تعالى أعلم
قوله ( عن الغلام شاتان )
مبتدأ وخبر والجملة جواب لما يقال ماذا ينسك أو ماذا يجزئ ويحسن ونحوه
( مكافئتان )
بالهمزة أي مساويتان في السن بمعنى أن لا ينزل سنهما عن سن أدنى ما يجزئ في الأضحية وقيل مساويتان أو متقاربتان وهو بكسر الفاء من كافأه إذا ساواه قال الخطابي والمحدثون يفتحون الفاء وأراه أولى لأنه يريد شاتين قد سوى بينهما وأما بالكسر فمعناه مساويان فيحتاج إلى شيء آخر يساويانه وأما لو قيل متكافئتان لكان الكسر أولى وقال الزمخشري لا فرق بين الفتح والكسر لأن كل واحدة إذا كافأت أختها فقد كوفئت فهي مكافئة ومكافأة أو يكون معناه معادلتان لما يجب في الأضحية من الأسنان ويحتمل مع الفتح أن يراد مذبوحتان من كافأ الرجل بين بعيرين إذا نحر هذا ثم هذا معا من غير تفريق كأنه يريد شاتين تذبحهما معا . قلت مراد الزمخشري إن كلا من الفتح والكسر يقتضي بظاهره اعتبار شيء ثالث يساويانه أو يساويهما وإن اكتفى بمساواة كل واحدة منهما صاحبتها صح الفتح والكسر فليتأمل والله تعالى أعلم .