إن طيب النفس وسرور القلب وفرحه ولذته وابتهاجه وطمأنينته وانشراحه ونوره وسعته وعافيته لهي ثمرة من ثمار العبودية لله تعالى، فما ينتاب الشعورُ بالطمأنينة والسكينة والراحة العبدَ بعد تأديته العبادة والطاعة لعمري إنها جنة الدنيا ورياضها التي أخبر عنها نبينا عليه الصلاة والسلام بقوله: "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قالوا: وما رياض الجنة؟ قال حلق الذكر"، وقال :"ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة".
وليس النعيم خاصا بالجنة وحدها.. نعم نقول إنه من خصائص الجنة التي لا يشوبها هم ولا كدر، بخلاف الدنيا فإنها مزيج مابين الراحة واللغوب، فالجنة لا تجمع النعيم إلى جانب بعض المنغصات التي تطرأ على الحياة الدنيا.
قال بعض الصالحين: إن في الدنيا جنة هي في الدنيا كالجنة في الآخرة، من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.
وثمة فرق بين من يجعل الأمور التعبدية للانتفاع الجسدي الخالص كمن يصوم للصحة، يصلي للرياضة؛ فهذا غير الذي يمكن أن تطرأ عليه الوسواس في ذلك، فالأول ليس له حظ من هذه العبادة، بخلاف الثاني فإنه خاطر ووساوس يدفعه بالإخلاص والاستمرار على تلك العبادة، فإنه ما قصد بها إلا الله ثم البحث عمَّا يسعده في الدارين.
ومما يجدر التنبيه عليه: أن العبد إذا شعر بالراحة عقب الطاعة والعبادة عليه أن يتذكر ذلك النعيم المقيم، واللذة التي لا تنقطع في دار الخلد، فهذا أحرى أن لا ينجر وراء وساوسه وشكوكه، فتجعله يركن إلى الدعة ويتوانى عن الطاعة.