أجمل النساء
حكي أن أم إياس بنت محلم الشيباني كانت من أحسن النساء، ولا يكاد أن توجد
امرأة في زمانها مثلها في حسن تركيبها، وسنذكر ما اشتهر من حسن أوصافها.
سؤلت عجوز عنها فقالت: أبيت اللعن رأيت لها فرعا كأذناب الخيل المضفورة
إذا أرسلته فكأنه عناقيد منثورة، أسفل منه جبهة كالمرآة الصقيلة مشرفة
كإشراق الشمس الجميلة، أسفل منه حاجبان خُطّا بقلم اسود بحمم قد تقوسا على
مثل عيني عبهرة، لم يرعها قانص ولا قسورة. بياضها كبياض الجوالق وسوادها
دامس الغاسق بينها أنف كحد السيف المصقول لم يخنس به قصر ولا أزرى به طول،
حفت به وجنتان كالأرجوان في محض بياض كالجمان، قد شق فيه فم كالخاتم، لذيذ
المبتسم، فيه ثنايا غرر ذوات أشر وأسنان تعدّ كالدرر وريق كالخمر له نشر
الروض في السحر يتقلب فيه لسان ذو حلاوة وبيان، يزين به عقل وافر وجواب
حاضر، وتلتقي دونه شفتان كالزبد يحلبان ريقاً كالشهد، ركب في عنق بيضاء
محضة كأنها عنق الإبريق الفضة، صب في نحر كأنه المرآة، وصدر هو فتنة لمن
رآه يتصل به عضدان مدملجان كأنهما في نقائهما اللؤلؤ والمرجان يمد فيهما
ساعدان يُرى فيهما بنان، كالفضة قمعت بالعقيان، وقد تربع في صدرها حقان
كأنهما رمانتان أو ثديان كحقي العاج يضيء بهما الليل الداج، ومن تحت ذلك
بطن طوي كطي القباطي المدبجة، تحيط بها عكن كالقراطيس المدرجة، خلف ذلك
ظهر كالجدول ينتهي إلى خصر يكاد لا يبين، في كفل يقعدها إذا قامت، ويوقظها
إذا هي للنوم رامت، يحملها فخدان مدملجان، كأنهما نضيد الجمان وساقان
جرداوان خدلجتان، يحمل ذلك كله قدمان لطيفان محددان حد السنان فتبارك الله
كيف بصغرهما وبلطفهما يطيقان أن يحملا ما فوقهما.
المرجع:كتاب رجوع الشيخ في صباه