الحمد لله وكفى وسلاماً على عباده الذين اصطفى.... وبعد....
**الجزء الثانى:
{*وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ }النحل68
_نحن هنا مع النحل ،وهى كائنات متحركة دءوبه لا تكاد تكف عن الحركة والنشاط...
ولقد تلفت حسَنا بالفعل بحركتها ونشاطها حين نراها تطير من زهرة إلى زهرة وتحط عليها ترشف من رحيقها فترة ثم تطير....ولكنا ننساها بعد لحظة ونمضى لأننا نرقبها في إطارها القريب الذى تدركه حواسنا فحسب....وقد تثير تأملنا ،وعجبنا وإعجابنا ، ولكننا حتى في ذلك لا نخرج بها من
إطارها الذاتى الذى تأملنا من خلاله.....وهو في النهاية قريب!!!!!!!!
_ولكنا مع السياق القرأنى من أول لحظة نعيش في محيط أخر!!!
إننا لسنا مع النحل ،ولكننا مع الله!!!
_قال الله((وأوحى ربك إلى النحل.....))...
فليس النحل إذن هو الذى يتحرك من تلقاء نفسه تلك الحركة العجيبة التى قد تستوقفنا عندها في بعض
الأحيان بضع لحظات ،أو حتى ساعات!!!
*إنما هو الله ((أوحى))إليه، بمعنى ألهمه :""ربنا الذى أعطى كل شىء خلقه ثم هدى""...
ومن هنا لا تنتهى حركة النحل في حِسنَا من قريب ،لأنها _بادىء ذى بدء_خرجت في حَسنا من إطارها القريب واتصلت بوحى الله وإلهامه ،واتصلت _من ثم _بتدبير الله لأمور الكون بكل ما فيه وكل من فيه، فدخلت في إطار واسع عميق ممتد في الأفاق!!!
ثم إن الحركة التى ترسمها الألفاظ في الصورة حركة حية كذلك ،وأوسع مدى في الحقيقة من الحركة التى تراها العين لأول وهلة.....مما يمد في أبعاد الصورة في حِسنَا ويُعمقها....
فالنحل تتلقى الإلهام من الله أن تتخذ بيوتاً لها من الجبال ومن الشجر ومما يعرشون،أى مما يزرع البشر من نبات ذى عروش ....ثم هى تنفذ الأمر فتتخذ بيوتها هناك....
وهناك فارق واضح في ""عمق"" الصورة في حِسنا بين رؤية العين للنحل تبنى عشوشها هنا وهناك
وبين رؤيتها في الإطار الذى ترسمه ألفاظ الأية "تتلقى الوحى من الله ثم تصدع بالتنفيذ!!!!!!!
_وهناك بعدٌ أخر يمتد في الصورة من قوله تعالى((ومما يعرشون))...!!!
إنها علاقة الأحياء بالأحياء!!!!
فالوحى يصدر إلى النحل _وهى كائنات حية_أن تتخذ بيوتاً مما يعرش البشر وهم _ كائنات حية_ فيبدو هناك نوع من التعاون والتأزر بين هذه الأحياء يقدره الله ويريده فيتم في واقع الحياة!!!!!
_ ويستمر السياق يفصل الوحى الصادر إلى النحل:
قال الله((ثم كلى من كل الثمرات ، فاسلكى سبل ربك ذللاً))...
ومرة أخرى :نرى الإختلاف في عمق الصورة بين أن تكون النحل من تلقاء نفسها تأكل من كل الثمرات كما يبدو لظاهر أعيننا حين نحصر الصورة في أبعادها القريبة،،وبين أن تكون هذه الحركة
تلبية للوحى الصادر إليها من الله......
ثم نرى الإختلاف :بين أن تكون حركة النحل حركة عشوائية كما تبدو في ظاهرها أو حتى منسقة على وتيرة معينة يمكن للعلم أن يكتشفها ويسجلها ،،وبين أن تكون سالكة في حركتها سبل ربها المذللة لها بأمر الله _سبحانه ومشيئته!!!!!!!
فأنت في الصورة الأولى:""تتعامل مع النحل"""
بينما أنت في الصورة القرأنية _فى كل أجزائها_""تتعامل مع الله""....
وأخيراً:
**بعد عرض الأية الأولى التى تحدثت عن ""الظل"".....والثانية التى تحدثت عن ""النحل""..
هل تغيرت ""معلوماتك""عن الظل أو النحل حين قرأت هذه الأيات!؟؟!!!
كلا!!!
إن "المعلومات"في ذاتها ليست جديدة ...
لقد كانت معلومة لدينا جميعاً من قبل ولكنه (ذلك العلم الميت البارد الساكن الذى لا يتحرك)
ولكن : القرأن (يحيى هذه المعلومات حين يعرضها في جوَه الوجدانى بطريقته المعجزة فتنتفض حية كأنها ليست هى التى كنا نعرفها من قبل)....
وما تغيرت هى!!!!
إنما نحن الذين تغيرنا!!!!
تغيرنا حين زال عن حسنا التبلد وإلف التجربة المكرورة والمنظر المكرور!!!
فسبحان ربى الذى خلق لنا قرأنا منظوراً!!!!وأنزل لنا قرأناً مقروءأ!!!!!!!!!!
الله اسأل أن يرزقنا علماً نافعاً ....
ولا تنسونى من صالح دعواتكم فما أفقرنى وأحوجنى إليها......
يكمل إن شاء الله وقدر...........